الاثنين، 28 سبتمبر 2015

آخر ديسمبر

تتواصل نجاحات ظافر العابدين خلال سنة 2010 مع عرض فيلم آخر ديسمبر الذي يبصر النور أخيرا بعد سنوات من تصويره، فالسينما في تونس رحلة كفاح، والفيلم يمر بمراحل طويلة حتى يصل إلى الجمهور، وقد جاء عرضه في الوقت المناسب، فقد كان التونسيون في انتظار جديد ظافر، خصوصا وأن مسلسل مكتوب لم يعرض في هذه السنة وتم استبداله بمسلسل كاستينغ، الذي عرض دور البطولة فيه على ظافر ورفضه لتشابهه الكبير مع شخصية دالي في مكتوب، فهو يحب التغيير في أدواره ولا يرغب في تكرار نفسه.
والواقع أن الجمهور التونسي كان في انتظار جديد ظافر العابدين فجاء فيلم آخر ديسمبر في الوقت المناسب، ليس غريبا إذن أن يحقق نجاحا كبيرا في القاعات بالمقاييس التونسية، وقد كتب الصحفي كمال الرياحي في مقال نشر بموقع الجزيرة الوثائقية أن أغلب المشاهدين جاؤوا لرؤية ظافر العابدين بالأساس.
فيلم آخر ديسمبر من إخراج معز كمون يتناول موضوع المرأة الريفية وحدود حريتها في تونس، والمخرج المبدع معز كمون كما هو معروف منحاز للمرأة في كل أعماله: كلمة رجال، آخر ديسمبر، حرة...
كيف اختار معز ظافر في دور البطولة ولم يكن اسما متداولا على الساحة التونسية آنذاك؟؟ يقول مخرج العمل في تصريح للمدونة "التقيت بظافر العابدين اثناء تصوير الفيلم الانجليزي The Mark of Cain في تونس وقررت أن أغامر بإعطائه دور البطولة".
يدور الفيلم حول قصة عائشة، العاملة الريفية التي تعيش في قرية جبلية محبطة بعد أن تركها كل من تصورت أنها ستجد فيه الحب والأمان، مراد المخادع، وسفيان المنافق المزدوج الشخصية والمعايير، يمثل سفيان كمية التناقض الرهيبة التي يعيشها الرجل الشرقي الذي يصبح جاهليا كلما تعلق الأمر بالمرأة التي يفترض فيها أن تشاركه حياته.
أما آدم فطبيب أرهقته الوحدة ولم يجد نفسه في صخب المدينة وضغط العمل فيها خصوصا بعد رحيل أقرب الناس إليه، يهرب إلى القرية النائية عله يجد فيها شيئا من الراحة والهدوء فتفاجئه بما فيها من صراعات وتجاذبات ويكون فيها السند لعائشة والرجل الذي يساعدها على تخطي المشاكل التي تعيشها إثر تخلي صديقها عنها. قد يكون حلما أو خيالا ...فإذا كانت شخصية حاتم في تحت السيطرة مثالية حسب البعض فماذا عسانا نقول عن آدم؟ لعله رؤيا أو محض وهم مر في خيال البطلة على قارب في نهر "يرجه المجذاف وهنا ساعة السحر" كما يقول بدر شاكر السياب.
ليكن... إذا كانت الشخصية شبه مستحيلة فكيف يمكن تجسيدها على الشاشة لتتحول إلى حقيقة من لحم ودم؟ ما حدث هو أننا صدقنا آدم، وآمنا بوجوده فقد قدمه ظافر العابدين بعفوية وصدق نادرين.
آدم ليس طبيبا فقط بل فنان أيضا، وقد أضفت المقطوعات التي يعزفها ليلا شيئا من الحياة في قرية أهلكها الجفاف، شيئا من الفن في سجن مفتوح كاد يحجر مشاعر كل من فيه.
يحسب للعمل التصوير الممتاز والمشاهد الخلابة والموسيقى التصويرية التي لا تفارقك لساعات بعد مشاهدة الفيلم، و يحسب له إدخال عنصر الطرافة مع لطفي بندقة وجمال مداني بشكل أضحك المشاهدين وخفف وطأة الواقع القاسي الذي يصوره الفيلم.
ويحسب له أيضا كاستينغ جعلنا نصدق كل دور فيه، كالرائعة هند الفاهم في دور عائشة، والمتعدد المواهب لطفي العبدلي في دور سفيان، وبكل تأكيد ظافر العابدين في دور آدم، لأن الأحلام ضرورية في حياتنا ولأن آدم، تماما كزياد، يمثل حلما لابد أن نؤمن به إن أردنا لهذا الوطن أن يتغير.
"You may say, I’m a dreamer, but I’m not the only one"
 
 بالإضافة إلى النجاح الجماهيري، حصل الفيلم على استحسان النقاد وتم اختياره لتمثيل تونس في مهرجان القاهرة حيث حصل على جائزة أحسن ممثلة لهند الفاهم والمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف حيث توج بالجائزة الفضية كما عرض بعديد المهرجانات الدولية بكل من سلطنة عمان والبرازيل وفرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا.
 
هكذا تنتهي سنة 2010 ، إحدى أجمل سنوات ظافر العابدين، ليس فقط لأنه قدم فيها أجمل أدواره، ليس فقط لأن هوليوود فتحت له أبوابها في نفس الوقت الذي احتفى به الجمهور في العالم العربي وفي تونس وفي كل مكان في العالم... بل قبل ذلك كله لأنها السنة التي شهدت ميلاد ابنته ياسمين... كشذى تونس الذي يحمله ظافر في داخله أينما كان، يحدث للأسماء أن تختصر وطنا، ويحدث أن تصبح ابتسامة طفلة أجمل الأوطان.


الأحد، 27 سبتمبر 2015

ذاكرة الجسد

"لو عرفتِ رجالاً مثل زياد...لما كنت في حاجة إلى خلق أبطال وهميين. هنالك في هذه الأمة أبطال جاهزون يفوقون خيال الكتّاب.."-أحلام مستغانمي-

 كم من المسافات عليك أن تقطعها وكم من السنوات عليك أن تمضيها قبل أن تعثر على شخص مثل زياد الخليل؟

 يقول عنه خالد بطل رواية الكاتبة المبدعة أحلام مستغانمي ذاكرة الجسد: "تلك الوسامة الغامضة المخفيّة التي لا تفسير لها... يمكنه أن يكون حتى بعد موته مغرياً، بذلك الحزن الغامض الساخر. وكأنه يسخر من لحظة كهذه.
وأفهم مرة أخرى أن تكوني أحببته. لقد أحببته قبلك بطريقة أخرى. كما نحب شخصاً نعجب به ونريد أن نشبهه، لسبب أو لآخر... وكأننا نعتقد في أعماقنا أن الجمال والجنون والموهبة والصفات التي تبهرنا فيه قد تكون قابلة للعدوى والانتقال إلينا عن طريق المعاشرة".
 هكذا كان زياد، وسيما وموهوبا ومجنونا، كان الوطن المستحيل والعشق المستحيل وقصيدة تعد مرات ولا تفي، فأي ممثل هذا الذي يمكنه أن يجسد شخصية كتبتها أحلام بمثل هذا الإبداع؟ هذه مهمة مخرج المسلسل الذي بثته قناة أبو ظبي في سنة 2010.
كانت الرواية في أيد أمينة فلم توكل مهمة تحويلها إلى مسلسل لأي كان... فمخرج العمل نجدة إسماعيل أنزور أهم المخرجين السوريين على الساحة وقد أحسن الاختيار عندما رأى في ظافر العابدين الشاعر والمدرس والمناضل الفلسطيني زياد الخليل، وأبدع ظافر فعلا في دوره فهو يتقن اللغة العربية الفصحى ويحمل كل ملامح زياد، وقد جمعته بالفنان السوري جمال سليمان و الممثلة الجزائرية أمل بوشوشة مشاهد رائعة. وأبدع ظافر في القاء القصائد مثل "تربص بي الحزن لا تتركيني لحزن المساء" و"أميرة عشقي".
 ذاكرة الجسد أول عمل عربي مشترك لظافر العابدين وقد صوره ما بين بيروت وباريس ويقول عنه: "كان دوري في ذاكرة الجسد مميزا بالنسبة لي، لعبت دور الشاعر الفلسطيني زياد الخليل هو مناضل ومدرس لغة عربية، انسان يقوم بأي شيء من أجل وطنه والآخرين". ويضيف "استطاع المخرج المبدع نجدة أنزور إخراج شخصية جديدة كانت رابضة بداخلي".
 أحسسنا فعلا أن في ظافر شيئا من زياد، رغبة في إسعاد من حوله وأحلام لغد أفضل وعشق لا محدود للوطن..


يقول زياد لخالد في الحلقة السادسة من المسلسل "لقد أصبح لبنان وطنا للزلازل والرمال المتحركة، هو المتغير الوحيد وسط أنظمة لم ولن تتغير، كل هذه المصائب ولم يسقط نظام عربي واحد يا رجل"
ويجيبه خالد ضاحكا "هذا يعني أنك قد خسرت الرهان، مذ كنا في الجزائر وأنت تراهن على زلزال سياسي هنا أو هناك يغير خارطة هذه الأمة"
وها قد حدث الزلزال وهوت دمشق، وسوريا التي احتضنت كل القضايا العربية لم تجد صوتا ينحاز لها، سوريا التي كانت وطنا لكل عربي ضاقت بأبنائها الأرض على رحابتها حتى لم يجد الأطفال فيها ملجأ غير أمواج البحر...
كان فريق "ذاكرة الجسد" الذي صور الوجع الجزائري والنضال الفلسطيني كأجمل ما يكون ومخرجه وكاتبة السيناريو وبطله الرئيسي من سوريا...
عذرا لشعب لم يجد من يشاركه وجعه حين هوى وطنه وذبلت في حدائق منازله زهور الياسمين، عذرا لشعب احتوانا دهرا ولم يجد فينا من يعترف بالجميل.


السبت، 26 سبتمبر 2015

للأحلام أجنحة



يواصل ظافر العابدين بخطى واثقة على درب العالمية بعد أن أصبح قيمة ثابتة وإضافة هامة لأي عمل يشارك فيه و تنوعت أدواره بشكل كبير وقد شهدت سنتا 2009 و 2010 ظهور عدد هام من أدواره العالمية لعل أبرزها الفيلم الشهير Sex And The City2
 

1.            31 North 62 East

يقدم ظافر في هذا الفيلم البريطاني دور الاستخباراتي الفرنسي Thierry Leroy الذي يحقق حول عملية إرهابية استهدفت جنودا بريطانيين في أفغانستان تورط فيها رئيس الحكومة الإنجليزي. 


 
2.            The Omid Djalili Show

يعود ظافر للكوميديا من خلال المساهمة في هذا البرنامج الذي يقدمه الكوميدي الإيراني أوميد جليلي ويجمعهما مثلا مشهد في غاية الطرافة في الحلقة الثالثة من الموسم الثاني.


3.            Wallander / Faceless Killers

يمثل ظافر دور شاهد إيراني على جريمة قتل في هذه السلسلة البوليسية المستوحاة من روايات الكاتب السويدي  Henning Mankell الحاصل على عديد الجوائز و أبدع الكاتب في إظهار النزعات العنصرية الموجودة في مجتمعات شمال أوروبا وقدم عملا يحمل رسالة هادفة بالإضافة إلى التشويق لمعرفة المجرمين حتى آخر لحظة بالوصول إلى نهاية مفاجئة.


4.            Centurion

يلعب ظافر دور أحد منافسي مصارعة الذراع (arm wrestling) في مشهد عنيف أبدع في أدائه.


 5.            Strike Back

حكيم جهادي يحارب البريطانيين المتواجدين في بلاده بشراسة. ويعتبر دوره محوريا خلال الموسم الأول من السلسلة. حكيم دور شر في الأساس لكن يحدث أن يرغب المخرجون في تقديم الشخصية الشريرة في العمل بشكل جذاب وذلك لاستغلال نزعة الانجذاب-النفور التي تتمثل في أن يتعلق المشاهد بالشخصية التي من المفترض أن ينفر منها، وهذا ما سنراه أيضا في أعمال قادمة كنيران صديقة وفرق توقيت. قدم ظافر في هذا المسلسل مشهد صراع Fight Scene رائع مع John Porter الذي يلعب دوره Richard Armitage.
كان هذا التعامل الأول لظافر مع السيناريست المتميز Frank Spotnitz وسيكون لهما في المستقبل عدة أعمال مشتركة.




6.            Sex and the City 2

كان لا بد أن يقع الاختيار على ظافر لهذا الدور، حتى وإن كان الدور مكتوبا لشخص في الخمسين ولم يكن سن ظافر آنذاك يتجاوز السادسة والثلاثين. كان لابد أن يمثل في هذا الفيلم، لأنه كان مغرما بــ Kim Cattrall في صباه، لأن زوجته متابعة وفية لسلسلة Sex and the City، لأنه هو نفسه متابع جيد لها كلما وجد الوقت الكافي، لأنه فيلم هوليودي ضخم تبلغ ميزانيته 100 مليون دولار، لأنه الفرصة التي كان ينتظرها للانتشار بشكل أكبر على المستوى العالمي....
 

وحصل ظافر فعلا على دور محمود مسؤول العلاقات العامة الشيك المحترم، لأن للأحلام أجنحة تحملك حيث تريد، إذا كان العمل والإصرار والمثابرة في الموعد.

لاقى الفيلم النجاح المنتظر في مختلف أنحاء العالم وحقق ظافر أحد أحلامه، والقادم أفضل إن شاء الله.  
 


الجمعة، 25 سبتمبر 2015

فرد من العائلة

 
إثر تجربة أمير الشعراء والنجاح الساحق الذي حققه مسلسل مكتوب، أصبح ظافر العابدين الورقة الرابحة التي يلجأ إليها المنظمون في تونس إذا أرادوا توفير كل عوامل النجاح لتظاهرة ما.
وكانت البداية مع أيام قرطاج السينمائية لسنة 2008. قامت السيدة درة بوشوشة بمجهود كبير على مستوى التنظيم و حاكت في حفل الافتتاح ما نراه في مهرجان كان من سجاد أحمر و إضاءة وأجواء احتفالية، ولاقت الدورة اقبالا كبيرا من عشاق الفن السابع.
 
وتكررت التجربة مع ظافر العابدين في الدورة الموالية سنة 2010 حيث قام بمهمة تنشيط أيام قرطاج السينمائية مع العارضة كنزة فوراتي.
 
واللافت للنظر في الحقيقة هو أن الدورتين اهتمتا بشكل خاص بالسينما المصرية، فقد وقع الاختيار على فيلم هي فوضى لافتتاح الدورة 22 لأيام قرطاج السينمائية سنة 2008 في تكريم للمخرج الراحل يوسف شاهين وحضر كل من خالد صالح بطل العمل رحمه الله والمخرج خالد يوسف والأبطال يوسف الشريف ودرة، بالإضافة إلى عديد الوجوه الأخرى كخالد النبوي وعزت العلايلي الذي كان ضمن لجنة التحكيم.
 أما الدورة 23 لسنة 2010 فقد كان لمصر حضور قوي فيها كذلك سواء من خلال فوز فيلم ميكروفون للمخرج المصري أحمد عبد الله السيد بالتانيت الذهبي أو من خلال حضور عدد من الضيوف كالراحل نور الشريف رحمه الله ويسرا وإلهام شاهين وخالد أبو النجا...
 
ونحن على أبواب الدورة 26 لأيام قرطاج السينمائية، سوف تبقى دورتا 2008 و2010 في البال فقد حققتا نجاحا منقطع النظير ولاشك في أن حضور ظافر العابدين وتمكنه التام من اللغة العربية الفصحى واللغة الانجليزية كان لهما دور في هذا النجاح، ويعتبر ظافر أنه "فرد من العائلة" كلما تحدث عن أيام قرطاج السينمائية JCC.
 
يقول الفرنسيون، "لا نغير فريقا رابحا" وهكذا لم تجد وزارة السياحة أفضل من الثنائي ظافر العابدين وكنزة فوراتي لتقديم احتفالية Tunisia Awards  السينمائية في شهر سبتمبر من سنة 2014.
 
 


الخميس، 24 سبتمبر 2015

ضريبة الفن

لم يكن مكتوب العمل التونسي الوحيد الذي عرض لظافر في تونس في سنة 2008 فقد شارك صديقه أحمد الأندلسي بطولة الفيلم القصير "لعب صغار" (Chassé Croisé) من اخراج محمد بن بشر، في دور سفيان العائد من بلاد الغربة الذي يجتمع من جديد بأصدقاء الطفولة سامي و منية وملاك و تعود معه ذكريات الماضي المنسي منذ سنوات.









  كما كان لظافر في السنة الموالية حضور في فيلم رجاء العماري "الدواحة" الذي يروي حكاية ثلاث نساء يعشن في عزلة تامة في منزل مهجور و يلعب ظافر دور علي الذي تملك عائلته المنزل والذي يثير وجوده مع صديقته فيه زوبعة في حياة الثلاث نساء وخصوصا بطلة الفيلم عائشة. 



تعود رجاء العماري بهذا الفيلم إلى موضوع الكبت والحرمان وثقل الموروث الثقافي والاجتماعي الذي سبق وعالجته في فيلمها السابق الحرير الأحمر.

وواجه ظافر نقدا من البعض لصغر مساحة دوره في الفيلم ولكنه كما سبق و أشرنا إلى ذلك لا يقيم الأدوار من هذا المنظار، فهو يهتم أولا بالقيمة الفنية للعمل والطاقم الفني المشارك فيه ومدى اختلافه عما سبق و قدمه من أدوار. يهتم كذلك كثيرا بما سيتعلمه شخصيا من التجربة التي يخوضها ومن الفنانين الذين يتعامل معهم، والحقيقة أن لعلي، رغم قلة مشاهده، أهمية بالغة في مسار الفيلم حيث يكون له ولنمط الحياة الذي يعيشه مع صديقته التأثير البالغ في نفسية عائشة التي أبدعت في القيام بدورها الفنانة حفصية حرزي و كذلك في تطور أحداث الفيلم بشكل عام.
 
كانت هذه الفترة مليئة بالنجاحات، وشهدت عودة ظافر بقوة إلى الساحة التونسية سواء في السينما أو التلفزيون، ولكنه لم يشعر بالغربة يوما كما شعر بها ذات شتاء... كان في إنجلترا عندما وصله نبأ وفاة والده رحمه الله وجعل مثواه الجنة.

إنها ضريبة الفن، أن تكون حقائبك جاهزة استعدادا للسفر في أي وقت، و أن يكون عليك أن تغادر تاركا وراءك دائما شيئا منك، وقد يكون ما تتركه أحيانا أغلى ما لديك.

صورة لوالد ظافر رحمه الله ووالدته أطال الله عمرها


الأربعاء، 23 سبتمبر 2015

مكتوب يا مكتوب...


"مكتوب يا مكتوب......عذابي اش الاخـر يا مكتوب، يلاّ قدّم والا وخّر، يا مكتوب، يا مكتوب..."

بهذه الكلمات من أغنية الراحل الهادي الجويني في بداية شهر سبتمبر 2008، بدأت رحلة المشاهدين التونسيين مع مكتوب، المسلسل الأكثر نجاحا في تاريخ الدراما التونسية على مدار أربعة مواسم.
 ويعود الفضل في ظهور هذا العمل لسامي الفهري، الكاتب والمخرج والمنتج الشاب الذي عرفه المشاهدون من خلال برامج الألعاب في رمضان.
أما اختيار ظافر العابدين للعب دور "محمد علي الناجي" في المسلسل فقد تم إثر لقاء حدث بينهما على هامش تصوير فيلم "شهرزاد" الذي سيصبح في ما بعد "آخر ديسمبر" و لنا عودة في المستقبل إن شاء الله لهذا الفيلم الهام في مسيرة ظافر.
وجد المخرج الواعد ضالته في هذا الشاب الموهوب والوسيم الذي يمثل دور البطولة في الفيلم و قرر أن يعرض عليه فكرة مسلسله الجديد،  وكان هذا اللقاء الحاسم بداية لتجربة ناجحة وفريدة ستتواصل لسنوات ويصبح ظافر العابدين على إثرها نجم الدراما الأول في تونس.
  يدور مسلسل مكتوب أساسا حول عائلة الناجي، وهي متكونة من الأم والاخوة الثلاثة محمد علي و مراد و مهدي. يعيش أفراد هذه العائلة على مدى المواسم الأربعة من المسلسل عديد الأحداث وتتشابك مصائرهم في نسق تشويقي نجح في شد المشاهد التونسي حتى أن المقاهي و قاعات الشاي في تونس أصبحت تعرض مسلسل مكتوب كل مساء خلال شهر رمضان كما يحدث مع المباريات الرياضية الهامة.
 

 ويعتبر الكاستنغ من أهم عوامل نجاح هذا المسلسل وأعمال سامي الفهري بشكل عام، فقد تعرف المشاهدون على عدد كبير من الوجوه الجديدة التي سيصبح لها شأن كبير في مستقبل الأيام.
و أدخل هذا المسلسل حركية جديدة في الدراما التونسية و سارت على خطاه عديد الأعمال الأخرى في السنوات التي تلت عرضه نظرا لما يتميز به من حداثة و تشويق و معالجة جديدة للقضايا الاجتماعية التي يعيشها التونسيون حيث تطرق مثلا في جزئه الأول إلى قضية العنصرية ضد السود كما تناول في جزئه الرابع مشكلة الظروف الصعبة التي يعيشها المساجين.
يلعب ظافر العابدين في هذا المسلسل دورا جديدا عليه لم يسبق أن قدمه في أعماله الأجنبية، وهو دور الشاب المغرور الانتهازي الذي لا يبالي بمن حوله في سبيل خدمة مصالحه خصوصا في علاقته مع زوجته شاهيناز (مريم بن مامي)، إلا أن شخصيته تتطور عبر المواسم و نكتشف فيها نواحي انسانية جديدة سواء من خلال قصة الحب الصادقة التي تربطه بابتسام التي لعبت دورها النجمة هند صبري في الجزء الثاني أو من خلال صداقته خلال الجزء الرابع مع ياسين (بلال الباجي) وحليمة (ليلى بن خليفة) اللذان ينتميان للطبقة الشعبية.
 
 و تميزت شخصية محمد علي الناجي كذلك بخفة الدم و النكتة الحاضرة باستمرار حتى أن الشارع التونسي أصبح يتداول "الافيهات" التي اشتهر بها، كما أن وسامته لفتت انتباه الفتيات في تونس حتى أطلق عليه البعض لقب مهند تونس
ولا يبالي ظافر العابدين في الحقيقة بالألقاب ولا تعنيه كما لا يهتم بترتيب اسمه في التترات و لا يهمه من العمل إلا قيمته الفنية والإضافة التي يمكن أن يقدمها له. كما أن شخصيته، باستثناء خفة الروح والجلسات المرحة مع الأصدقاء والشغف بكرة القدم والعلاقة المتميزة مع الأم، لا تمت بصلة لمحمد علي الناجي، خصوصا ما يتميز به هذا الأخير من غرور، فلظافر مبدآن لا يحيد عنهما أبدا: الحرفية والتواضع.

ولم يكن مكتوب في الحقيقة المسلسل الأول الذي يقدمه ظافر العابدين في رمضان فقد سبق له منذ سنوات أن لعب دور قيس في مسلسل إخوة وزمان من إخراج حمادي عرافة وهو دور شاب مستهتر يعيش على الطريقة الأوروبية ويفشل بسبب ذلك في الحفاظ على علاقة الحب التي تجمعه بريم بطلة المسلسل. إلا أن مسلسل مكتوب كان تأشيرة العبور الحقيقية لقلوب المشاهدين في تونس.