حقق ظافر العابدين سنة 2011 نجاحات هامة سواء على
المستوى العالمي كما رأينا في المقالات السابقة أو على المستوى المحلي بعد الصدى
الذي وجده الموسم الثالث من مسلسل مكتوب. كما أن هذه السنة شهدت انطلاق ما يسمى بالربيع
العربي مع ثورة الياسمين في تونس، وهو ما أعطى هامشا أكبر من الحرية للمبدعين للتطرق لمواضيع مثل الرشوة والفساد كما حصل في مسلسل مكتوب.
كان ظافر أحد أهم النجوم في تونس وكان اسمه
إضافة أساسية لأي عمل على المستوى الفني والتجاري على حد السواء، وعلى إثر النجاح
الذي حققه فيلم آخر ديسمبر كان المشاهدون
ينتظرونه في بطولات أخرى في نفس السجل الرومانسي أو
الدرامي الاجتماعي. وهو بالتأكيد خطأ في التقدير فظافر قلما يوجد حيث يمكنك
أن تنتظره...
عندما اتصلت مسؤولة تنظيم
التظاهرات لينا دمق بظافر العابدين لتقترح عليه مشروع فيلم الحركة والاثارة التونسي
Fausse
Note للمخرج الشاب المتعدد
المواهب مجدي السميري، لم يتردد أبدا في خوض المغامرة.
يقول ظافر في حوار مع الصحفية والمدونة نرجس ميزوني:
"أعجبني السيناريو من الوهلة الأولى بأسلوب كتابته وبنية سرده، إنه فيلم
إثارة مكتوب بنفس جديد".
Fausse Note يروي قصة المهندس مهدي،
28 سنة، الذي كان يعيش حياة مستقرة قبل أن تدخل حياته منعرجا حادا بسبب رغبة مافيا
سي الأمين –الراحل لطفي الدزيري رحمه الله- في استغلاله للقيام بعملية سطو كبيرة.
الفيلم علامة فارقة في تاريخ السينما التونسية التي تقدم لأول مرة
الاثارة والحركة بذلك الشكل الحديث، فهي قصة تونسية تصلح للمشاهدة في أي مكان في العالم نظرا
لبعدها الكوني على بعد أميال من سينما الحمام التركي والمدينة العتيقة التي كان
لها زمن ومضى... سوف نشاهد في الفيلم الكثير من الأكشن ومؤثرات على أعلى مستوى وديكورات حديثة وموسيقى تصويرية فعالة. تبدأ القصة بعدد من الومضات التي تلخص الفيلم ثم يقع اكتشاف المشاهد التي أشارت إليها تلك الومضات بالتدريج مع استعمال متواصل للفلاش باك، مما يجعلك تتابع الأحداث بتشوق كبير لمعرفة ما ستؤول إليه وكيف سيخرج مهدي من الورطة التي وضعته فيها المافيا وتتساءل عن مصير علاقة الحب التي تجمعه بابنة سي الأمين ثم تكتشف أنك ربما لم تنتبه إلى الكثير من الأشياء...
Fausse Note فيلم حركة على الطريقة
الامريكية، إيقاعه سريع وقصته مشوقة ونهايته مفاجئة، هو فيلم تونسي حديث على طريقة أفلام طارق العريان
مثلا في مصر. وبالإضافة إلى القيم الثابتة كلطفي الدزيري وظافر العابدين ولطفي
العبدلي، يلعب دور البطولة كل من فارس بلحسن ونجلاء بن عبد الله.
كان العرض الأول في قاعة المونديال يوم 18 ماي 2012. وصلت طائرة ظافر متأخرة يومها لكنه حرص على أن يكون متواجدا مع رفقائه في هذه التجربة التي لا تنسى.
وبالإضافة إلى كل ذلك، أراد ظافر مشاركة الشاب الطموح مجدي وفريقه من
الشباب في مشروعهم الواعد، فهو لا ينسى أن مبدعين كثيرين آمنوا بموهبته في بداياته وأعطوه فرصته وساعدوه على تحقيق أحلامه، وهو بدوره من موقعه لا يتردد في أن يساهم في أحلام الشبان الذين يتوسم فيهم الموهبة.
ظافر فرصة لأي مخرج لأنه لا
يفكر بمنطق البطولة المطلقة والربح المادي والشهرة الواسعة والصورة التي تتصدر
الأفيش.
يقول عنه الراحل لطفي الدزيري: "كانت هنالك قيم ثابتة لا اختلاف
فيها، ممثل كظافر العابدين كان شيئا بديهيا. وأنا أعتقد أن هذا الشاب كان شديد الفاعلية،
خلوقا وحاضرا جدا. أن يأتي من لندن ليشارك في فيلم لمخرج شاب، هذا يعني أنه يملك
صفات إنسانية لا نقاش فيها".
يسألني أحباء ظافر
العابدين في الجروب كلما حدثتهم عن فيلم تونسي: "أين يمكننا الحصول عليه؟"
تلك مشكلة السينما في تونس... المفروض أن الفيلم يعرض في
القاعات ثم يقع بثه على شاشات التلفزيون مقابل حقوق بث تسمح بتغطية جزء من تكاليف الإنتاج،
أما الأفلام التونسية فتجدها إما على قنوات اليوتوب بنوعية رديئة لا تصلح للمشاهدة،
أو في محلات القرصنة بأبخس الأثمان، دون أي احترام لحقوق الملكية الفكرية ولا
للمجهود الجبار الذي يبذله فريق العمل... تكتفي وزارة الإشراف بتقديم دعم مادي
محدود توزعه كما توزع المعونات أو الهبات... وتطالب في المقابل بحق توزيع الأفلام
على دور الثقافة فإذا بالمبدع يفقد حقوقه في استرجاع شيء مما صرفه في أعماله ولعله
أفنى عمرا في ادخاره. أما المغرب مثلا، فقد شهد تطورا نوعيا في صناعة السينما إثر قرار تخصيص نسبة من عائدات الإعلانات التلفزية لتمويل الأفلام السينمائية.
السينما في تونس ليست صناعة بل رحلة كفاح والمخرج ليس صانع أفلام بل مناضل، والفنانون حالمون يؤمنون بالمعجزات...
السينما في تونس ليست صناعة بل رحلة كفاح والمخرج ليس صانع أفلام بل مناضل، والفنانون حالمون يؤمنون بالمعجزات...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركونا بآرائكم